الثلاثاء، 2 أبريل 2024

فضل العشر الأواخر من رمضان من كتاب لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله

 



 بسم الله الرحمن الرحيم

فضل العشر الأواخر من رمضان من كتاب لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله

قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى :

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله”. هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: “أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر”. وفي رواية لمسلم عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”.

 كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر فمنها: إحياء الليل: فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله.

 وقد روي من حديث عائشة من وجه فيه ضعف بلفظ: “وأحيا الليل كله” وفي المسند من وجه آخر عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر ـ يعني الأخير ـ شمر وشد المئزر”. وخرج الحافظ أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد رمضان قام ونام فإذا كان أربعا وعشرين لم يذق غمضا”، ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه، وقد روي عن بعض المتقدمين من بني هاشم ظنه الراوي أبا جعفر بن علي أنه فسر ذلك بإحياء نصف الليل، وقال: من أحيا نصف الليل فقد أحيا الليل، وقد سبق مثل هذا في قول عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله ،كان يصوم شعبان إلا قليلا”.

 ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة قالت: “ما أعلمه صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح”.

 ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، وفي حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام بهم ليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين ذكر أنه دعا أهله ونساءه ليلة سبع وعشرين خاصة، وهذا يدل على انه يتأكد إيقاظهم في أكد الأوتار التي ترجى فيها ليلة القدر.

 وخرج الطبراني من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم:”كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة”.

 قال سفيان الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا فيقول لهما :”ألا تقومان فتصليان” ، وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر، وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة ونضح الماء في وجهه، وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم: الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] الآية.

 ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد المئزر، واختلفوا في تفسيره فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جده واجتهاده في العبادة، كما يقال: فلان يشد وسطه ويسعى في كذا، وهذا فيه نظر فإنها قالت: جد وشد المئزر, فعطفت  شد المئزر على جدهوالصحيح: أن المراد: اعتزاله النساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم: سفيان الثوري، وقد ورد ذلك صريحا من حديث عائشة وأنس، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان، وفي حديث أنس:ط وطوى فراشه واعتزل النساء” ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم غالباً يعتكف العشر الأواخر، والمعتكِف ممنوع من قربان النساء بالنص والإجماع، وقد قالت طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187] إنه طلب ليلة القدر والمعنى في ذلك: أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالإستمتاع المباح؛ فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل خصوصاً في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن ههنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصيب من أهله في العشرين من رمضان ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.

 ومنها: تأخيره للفطور إلى السحور، وروي عنه من حديث عائشة وأنس أنه صلى الله عليه وسلم :”كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً” ولفظ حديث عائشة: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء واغتسل بين الأذانين وجعل العشاء سحوراً” ، أخرجه ابن أبي عاصم وإسناده مقارب. وحديث أنس خرجه الطبراني ولفظه: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه واعتزل النساء وجعل عشاءه سحوراً” وفي إسناده حفص بن واقد، قال ابن عدي: هذا الحديث . من أنكر ما رأيت له، وروي أيضا نحوه من حديث جابر خرجه أبو بكر الخطيب وفي إسناده من لا يعرف حاله.

وفي الصحيحين ما يشهد لهذه الروايات، ففيهما عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله؟ فقال: “وأيكم مثلي إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني” فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال فقال: “لو تأخر لزدتكم”، كالتنكيل لهم حين أبو أن ينتهوا، فهذا يدل على أنه واصل بالناس في آخر الشهر وروى عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة قال: “ما واصل النبي صلى الله عليه وسلم وصالكم قط غير أنه قد أخر الفطر إلى السحور” وإسناده لا بأس به، وخرج الإمام أحمد من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم:” كان يواصل إلى السحر”، وخرجه الطبراني من حديث جابر أيضاً ، وخرج ابن جرير الطبري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل إلى السحر ففعل ذلك بعض أصحابه فنهاه فقال: أنت تفعل ذلك؟ فقال: “إنكم لستم مثلي إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني .

وزعم ابن جرير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يواصل في صيامه إلا إلى السحر خاصة وإن ذلك يجوز لمن قوي عليه ويكره لغيره وأنكر أن يكون استدامة الصيام في الليل كله طاعة عند أحد من العلماء وقال: إنما كان يمسك بعضهم لمعنى آخر غير الصيام إما ليكون أنشط له على العبادة أو إيثارا بطعامه على نفسه أو لخوف مقلق منعه طعامه أو نحو ذلك. فمقتضى كلامه: أن من واصل ولم يفطر ليكون أنشط له على العبادة من غير أن يعتقد أن إمساك الليل قربة أنه جائز، وإن أمسك تعبداً بالمواصلة فإن كان إلى السحر وقوي عليه لم يكره وإلا كره، ولذلك قال أحمد وإسحاق: لا يكره الوصال إلى السحر، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر” قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: “إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني” وظاهر هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يواصل الليل كله وقد يكون صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر ولم يكن ذلك مضعفا له عن العمل فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

 ويتأكد تأخير الفطر في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر، قال ذر بن حبيشفي ليلة سبع وعشرين من استطاع منكم أن يؤخر فطره فليفعل وليفطر على ضياح لبن. ورواه بعضهم عن أبي بن كعب مرفوعا ولا يصح، وضياح اللبن: وروي: ضيح ـ الضاد المعجمة والياء آخر الحروف ـ هو اللبن الخاثر الممزوج بالماء.

 ومنها: اغتساله بين العشاءين، وقد تقدم من حديث عائشة:” واغتسل بين الأذانين”، والمراد أذان المغرب والعشاء

 وروي عن حذيفة أنه قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من رمضان فاغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وستره حذيفة، وبقيت فضلة فاغتسل بها حذيفة وستره النبي صلى الله عليه وسلم. خرجه ابن أبي عاصم، وفي رواية أخرى عن حذيفة قال: نام النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من رمضان في حجرة من جريد النخل فصب عليه دلو من ماء.

 وقال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر، وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، فأمر ذر بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان، وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه إذا كان ليلة أربع وعشرين اغتسل وتطيب ولبس حلة إزار أو رداء، فإذا أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل، وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين ويلبس ثوبين جديدين ويستجمر ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة والتي تليها ليلتنا يعني البصريين. وقال حماد بن سلمة: كان ثابت البناني وحميد الطويل يلبسان أحسن ثيابهما ويتطيبان ويطيبون المسجد بالنضوح والدخنة في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر، وقال ثابت: كان لتميم الداري حلة اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.

 فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات كما قال تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وقال ابن عمر: الله أحق أن يتزين له وروي عنه مرفوعا.

 ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب وأوضارها، فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً، قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26] .

 إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى … تقلب عريانا وإن كان كاسيا

 ومنها: الإعتكاف: ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها:” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين”.

 وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العشر التي يطلب فيها ليلة القدر قطعاً لأشغاله، وتفريغاً للياليه، وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيراً يتخلى فيها عن الناس، فلا يخالطهم ولا يشتغل بهم، ولهذا ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكِف لا يستحب له مخالطة الناس حتى ولا لتعلم علم وإقراء قرآن، بل الأفضل له الإنفراد بنفسه والتخلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الإعتكاف هو الخلوة الشرعية، وإنما يكون في المساجد لئلا يترك به الجمع والجماعات، فإن الخلوة القاطعة عن الجمع والجماعات منهي عنها (..).

 فالخلوة المشروعة لهذه الأمة هي الإعتكاف في المساجد خصوصا في شهر رمضان خصوصا في العشر الأواخر منه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، فالمعتكِف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه.

 فمعنى الإعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق للإتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الإنقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.

 يا ليلة القدر للعابدين اشهدي، يا أقْدُمَ القانتين اركعي لربك واسجدي، يا ألسنة السائلين جِدِّي في المسألة واجتهدي.

 يا رجال الليل جدوا … رب داعٍ لا يرد

 ما يقوم الليل إلا     … من له عزمٌ وجد

 ليلة القدر عند المحبين ليلة الحظوة بأنس مولاهم وقربه وإنما يفرون من ليالي البعد والهجر.

 يا من ضاع عمره لا شيء، استدرك ما فاتك في ليلة القدر، فإنها تحسب بالعمر.

 قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1, 3].

 وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وفي المسند عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر” ،وفي المسند والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان: “فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم” قال جويبر: قلت للضحاك: أرأيت النفساء والحائض والمسافر والنائم لهم في ليلة القدر نصيب؟ قال: نعم كل من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة القدر.

 إخواني المعول على القبول لا على الاجتهاد، والاعتبار ببر القلوب لا بعمل الأبدان، رب قائمٍ حظه من قيامه السهر، كم من قائم محرومٍ، وكم من نائم مرحومٍ، نام وقلبه ذاكر، وهذا قام وقلبه فاجر.

 إن المقادير إذا ساعدت … ألحقت النائم بالقائم

 لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات والاجتهاد في الأعمال الصالحات، وكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5, 10]

 فالمبادرة إلى اغتنام العمل فيما بقي من الشهر فعسى أن يستدرك به ما فات من ضياع العمر.

 [المصدر: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ص 184- 193، بتصرف

أربعة من العلماء في مأزق ...؟؟!!

 



بسم الله الرحمن الرحيم


أربعة من العلماء في مأزق ...؟؟!!



هم :

محمد

و

محمد

و

محمد

و

محمد

=========

أربعة من العلماء العاملين

وكعادة العلماء الربانيين

يعيشون فقـراء

يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف

لا يستجدون الناس شيئاً

ولو جاعت بطونهم

أو عريت أجسادهم

==========

إليكم قصتهم

كما رواها الخطيب البغدادي عن أبي العباس البكري قال :

جمعت الرحلة بين :

محمد بن جرير

ومحمد بن إسحاق بن خزيمة

ومحمد بن نصر المروزي

ومحمد بن هارون الروياني

جمعت بينهم الرحلة بمصر ، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتـهم ، وأضر بـهم الجوع ، فاجتمعوا ليلة في منـزل كانوا يأوون إليه ، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة ، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام !

فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة

فقال لأصحابه : أمهلوني حتى أتوضأ ، وأصلي صلاة الخِـيَرَة

قال فاندفع في الصلاة

فإذا هم بالشموع ، وخصيٌ من قبل والي مصر يدق الباب

ففتحوا الباب فنـزل عن دابته

فقال : أيكم محمد بن نصر ؟

فقيل : هو هذا .

فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه

ثم قال : أيكم محمد بن جرير ؟

فقالوا : هو ذا .

فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه

ثم قال : أيكم محمد بن هارون ؟

فقالوا : هو ذا .

فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه

ثم قال : أيكم محمد بن إسحاق بن خزيمة ؟

فقال : هو ذا يصلي ، فلما فرغ دفع إليه الصرة ، وفيها خمسون دينارا .

ثم قال : إن الأمير كان قائلا بالأمس ، فرأى في المنام خيالاً . قال : إن المحاميد طووا كشحهم جياعا ، فأنفَذَ إليكم هذه الصرار .

وأقسَمَ عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أمدُّكم .

فهذه نماذج لدعوات من صدقوا مع الله فصدقهم الله .


وها نحن في استقبال هذه العشر المباركة ، فيها ليلة عظيمة القدر عند الله

فهل نستقبلها بأعمال صالـحة ودعوات صادقة ؟؟

ولعل دعوة صادقـة سَـرَت في جـوف الليل

زُفـّـت بزفرة حرّى يرفعها الله فوق الغمـام

يكشف بسبببها ما بالأمة من هوان ومذلـّـة

ويكشف ما بنا من عجـز وضعـف وخـور

=======

هـؤلاء العلمـاء الفضــلاء هــم :

محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ [ المشهور بـ ( ابن جرير ) ]

ومحمد بن إسحاق بن خزيمة صاحب الصحيح ( صحيح ابن خزيمة ) ، وصاحب كتاب التوحيد .

ومحمد بن نصر المروزي صاحب كتاب تعظيم قدر الصلاة ، وكتاب قيام الليل .

ومحمد بن هارون الروياني صاحب المسند ( مسند الروياني ) .

=====

معاني كلمات :

أرملـوا : نفد طعامهم وزادهم .

يستهموا : يقترعوا ، أي يُجروا القرعة بينهم .

طوو كشحهم : أي باتت بطونهم خاوية .


كتبه

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



الأحد، 31 مارس 2024

وقفات مع انقضاء رمضان






وقفات مع انقضاء رمضان

 

الوقفةُ الأوُلى:

وقفةُ محاسَبةٍ ومراجعةٌ للنَّفسِ: ها هُوَ شهرُ رمضانَ شهرُ الخيراتِ والبركاتِ والعِتقِ مِنَ النيرانِ، ها هُوَ قد تولّى وانْصَرَمَ، وحَرِيٌّ بِكُلِّ عاقِلٍ يَهُمُّهُ مُستقبلَهُ أنْ يَقِفَ وقفةَ مُحاسَبةٍ: ماذا أوْدَعَ رمضانَ؟ وماذا استودعَهُ مِنْ أعمالٍ؟

 

مَن فرّطَ فيه وقصّرَ، مَن رَبِحَ وغَنِمَ، ومَن غُبِنَ وخَسِرَ؟

 

قَالَ ابنُ رجبٍ رحِمَهُ اللهُ: رُويَ عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يُنادي في آخِرِ ليلةٍ مِنْ شهرِ رمضانَ: يا ليتَ شِعري! مَنْ هذا المقبولُ فَنُهَنّيه، ومَنْ هذا المحرومُ فَنُعَزّيه.

 

وعنْ ابنِ مسعودٍ أنَّهُ كَانَ يقولُ: مَن هذا المقبولُ مِنّا فَنُهَنّيه، ومَنْ هذا المحرومُ مِنّا فَنُعَزّيه.


أيُّها المقبولُ هنيئا لكَ، أيُّها المردودُ جبرَ اللهُ مُصيبتَكَ.

ليتَ شِعري مَن فيهِ يُقْبَلُ مِنا***فيُهَنّأ، يا خيبةَ المردودِ

 

قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِسَلَمَةَ بنِ دينارٍ: عِظْنِي يَا أَبَا حَازِمٍ، قَالَ: اضْطَجِعْ ثُمَّ اجْعَلِ الْمَوْتَ عِنْدَ رَأْسِكَ، ثُمَّ انْظُرْ مَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيهِ تِلْكَ السَّاعَةَ فَخُذْ فِيهِ الْآنَ، وَمَا تَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِيكَ تِلْكَ السَّاعَةَ فَدَعْهُ الآنَ.

 

وكَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ طُولَ الْبَقَاءِ إِلَى فَنَاءٍ مَا هُوَ؟ فَخُذْ مِنْ فَنَائِكَ الَّذِي لا يَبْقَى لِبَقَائِكَ الَّذِي لا يَفْنَى، وَالسَّلامُ، فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ الْكِتَابَ بَكَى وَقَالَ: نَصَحَ أَبُو سَعِيدٍ وَأَوْجَزَ.

 

دَخَلَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ: عِظْنِي يَا سَابِقُ وَأَوْجِزْ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَبْلُغُ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ: هَاتِ، فَأَنْشَدَهُ

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ الْتَقَى 
وَوَافَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا 
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لا تَكُونَ شَرَكْتَه 
وَأَرْصَدْتَ قَبْلَ الْمَوْتِ مَا كَانَ أَرْصَدَا 

 

فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.

أيُّها المفرِّطُ دونَكَ الخواتيمُ؛ فأحسِنْ، فالعِبْرَةُ بالخواتيمِ.

 

قَالَ الفُضيلُ بنُ عياضٍ لِرَجُلٍ: كم أتتْ عليكَ؟ (يعني كم مضى مِنْ عُمُرِكَ)

قَالَ: ستونَ سنةٍ.

قَالَ: فأنتَ مُنذُ ستين سنةٍ تسيرُ إلى ربِّكَ. توشِكُ أنْ تبْلُغَ.

فقَالَ الرَّجُلُ: يا أبا عليٍّ إنا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعون.

قَالَ له الفُضيلُ: تَعْلَمُ ما تقولُ؟

قَالَ الرَّجُلُ: قلتُ: إنا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعون.

قَالَ الفُضيلُ: تَعْلَمُ ما تَفْسيرُه؟

قَالَ الرَّجُلُ: فسِّرْهُ لنا يا أبا عليّ.

 

قَالَ: قولُكَ إنَّا للهِ تقولُ أنَا للهِ عبدٌ وأنا إلى اللهِ راجِعٌ. فمَنْ عَلِمَ أنَّهُ عبدُ اللهِ وأنَّهُ إليهِ راجِعٌ، فَلْيَعْلَمْ بِأنَّهُ موقوفٌ، ومَنْ عَلِمَ بأنَّهُ موقوفٌ فَلْيَعْلَمْ بِأنَّهُ مسئولٌ، ومَن عَلِمَ أنَّهُ مسئولٌ فَلْيُعِدَّ للسؤالِ جوابا.

فقَالَ الرجل: فما الحيلةُ؟

قَالَ: يسيرةٌ.

قَالَ: ما هيَ؟

قَالَ تُحسِنُ فيما بقي يُغفرُ لك ما مضى وما بَقيَ. فإنكَ إنْ أسأتَ فيما بَقيَ أُخِذتَ بما مضى وما بَقِي.

 

واعلموا إخواني أنَّكُم اليومَ في دارِ عَمَلٍ، وأنَّ بابَ التوبةِ مَفتوحٌ.. فأحْسِنوا يُحْسِنِ اللهُ إليكُم؛ لأنَّ الجزاءَ مِنْ جِنسِ العملِ، ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّها الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.

 

الوقفةُ الثانيةُ:

مَنْ وُفِّقَ للعَمَلِ فليَعْلَمْ أنَّ ما يَتْبَعُ العَملَ لا يقلُّ أهميةً عنْ العَمَلِ، وهُما أمْرانِ:

الأمْرُ الأوّلُ: قبولُ العملِ، وهذا مِمَّا أهمَّ سَلَفُ هذه الأمةِ وأقضَّ مضاجِعَ الصالحينَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: " لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا تُقْبَلَ مِنْهُمْ.

 

وفي روايةٍ: وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ. رواهُ الترمذيُّ وابنُ ماجَه، وصحَّحَهُ الألبانيُّ.

 

وخليلُ اللهِ إبراهيمُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمَّا بنى الكعبةَ أهمَّهُ قُبُولُ عَمَلِهِ فنادى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ﴾.

 

قَالَ ابنُ عبدُ البَرِّ: الأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ أَشَدُّ خَوْفًا لِلَّهِ وَأَكْثَرُ إِشْفَاقًا وَوَجَلا. اهـ.

 

وقَالَ ابنُ حَجَرٍ: وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ أَبِي عُثْمَانَ الْجِيزِيِّ: مِنْ عَلامَةِ السَّعَادَةِ أَنْ تُطِيعَ وَتَخَافَ أَنْ لا تُقْبَلَ، وَمِنْ عَلامَةِ الشَّقَاءِ أَنْ تَعْصِيَ وترجوَ أَنْ تنجو. اهـ.

 

الأمْرُ الثاني: المحافظةُ على حسناتِ العَمَلِ، فالعبرةُ بالمحافظةِ على حسناتِ العمَلِ أكبرُ مِنَ العِبْرةِ بالعَمَلِ، فقدْ قيلَ للنَّبيِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إنَّ فُلانةً تَصُومُ النَّهارَ، وتَقُومُ الليلَ، وتَفعلُ، وتَتصَّدَّقُ، وتُؤذي جِيرانَها بِلِسَانِها. فقَالَ: لا خَيرَ فيها، هِيَ في النَّارِ. قيلَ: فإنَّ فَلانةً تُصَلِّي المكتوبةَ، وتَصومُ رمضانَ، وتَتَصَدَّقُ بأثْوارٍ مِن أقِطٍ، ولا تؤذي أحَدًا بِلِسَانِها. قَالَ: هِيَ في الجَنَّةِ. رواهُ الإمامُ أحمدُ والبخاريُّ في " الأدبِ الْمُفْرَدِ " والحاكِمُ – وصحَّحَهُ.

 

عبادَ اللهِ:

علامةُ قبولِ الحسنةِ إتْبَاعُها بِحسنةٍ مِثلِها.

ولَمّا كَانَ صيامُ رمضانَ حَسنةٌ عظيمةٌ أُتْبِعَ بِحسناتٍ أُخرى، وهي صَدَقةُ الفِطْرِ، ثمَّ أُتْبِع بِحسنةٍ أخْرى، وهي التكبيرُ..

 

قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

 

ثم أُتْبِعتْ تِلكَ الحسناتُ بِصيامِ سِتةِ أيامٍ مِن شوّالٍ، ليَكْمُلَ الأجْرُ وتَتِّمَ الفضائلُ وتَعظُمَ الحسناتُ.

 

قَالَ ابنُ القيِّمِ: وَعَلامَةُ قَبُولِ عَمَلِكَ: احْتِقَارُهُ وَاسْتِقْلالُهُ، وَصِغَرُهُ فِي قَلْبِكَ. حَتَّى إِنَّ الْعَارِفَ لَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عُقَيْبَ طَاعَتِهِ. وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلاةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثَلاثًا.

 

وَأَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِالاسْتِغْفَارِ عُقَيْبَ الْحَجِّ. وَمَدَحَهُمْ عَلَى الاسْتِغْفَارِ عُقَيْبَ قِيَامِ اللَّيْلِ. اهـ.

 

وقَالَ ابنُ رَجَبٍ: علامةُ قبولِ الطَّاعةِ أنْ تُوصَلَ بطاعةٍ بَعدَها، وعلامةُ ردِّها أنْ تُوصَلَ بِمعصيةٍ. ما أحْسَنَ الحسنةَ بعدَ الحسنةِ، وأقبحَ السيئةَ بعدَ الحَسَنَةِ. اهـ.

 

عبادَ اللهِ:

ها قدْ ذُقْتُم حلاوةَ الصِّيامِ والقِيامِ، فَلنَحْرِصْ أنْ لا نَرجِعَ على الأعقابِ.. فقدْ كَانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يستعيذُ باللهِ مِن الرُّجوعِ على الأعقابِ، فَكَانَ رسولُ اللهِ إذا سافَرَ يتعوَّذُ مِنْ وعثاءِ السَّفَرِ، وكآبةِ الْمُنقلبِ، والْحَوْرِ بعدَ الكَونِ، ودعوةِ المظلومِ، وسوءِ الْمَنظرِ في الأهلِ والمالِ. رواهُ مُسْلِمُ.

 

وفي بعضِ الرواياتِ وبعضِ النُّسَخِ: ومِنْ الْحَوْرِ بعد الكَوْرِ.

 

قَالَ الترمذيُّ: هو الرُّجوعُ مِنَ الإيمانِ إلى الكُفْرِ أو مِنَ الطاعةِ إلى المعصيةِ، إنَّمَا يعني: الرُّجوعُ مِن شيءٍ إلى شيءٍ مِنَ الشَّرِّ. اهـ.

 

عبادَ اللهِ:

تابِعُوا الأعمالَ الصالحةَ.

قَالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: إنَّ في الجَنَّةِ غُرُفا يُرى ظُهورُها مِنْ بُطونِها وبُطونُها مِنْ ظُهورِها. فقامَ أعرابيٌّ فقَالَ: لِمَنْ هيَ يا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أطابَ الكلامَ، وأطْعَمَ الطَّعامَ، وأدَامَ الصِّيامَ، وصلَّى للهِ بالليلِ والنَّاسُ نيامُ. رَواهُ أحمدُ والتِّرمذيُّ وأبو يعلى. وهُوَ حديثٌ حَسَنٌ.


فَلئنْ تقضّى شَهْرُ الصيامِ، فقد بَقِيَ الصِّيامُ

وإنِ انقضى شَهْرُ القيامِ، فإنَّ القيامَ باقٍ.

واعلموا أنَّ الأعمالَ الصَّالحةَ كَثيرةٌ مَيسورةٌ لِمَنْ يسَّرها اللهُ عليه، يَنْهَلُ مِنْها الموفَّقُ

 

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن سَلامٍ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: يَا أيُّها النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلامٍ. رواهُ الإمامُ أحمدُ والتِّرمذيُّ وابنُ ماجَه، وصحَّحَهُ الألبانيُّ والأرنؤوط.

 

الوقفةُ الثالثةُ:

شَهرُ رمضانَ شَهرُ البَذْلِ والإحْسَانِ.

فأدّوا زكاةَ أموالِكِم، طيبة بها أنْفُسكُم، ولا يجوزُ تأخيرُ الزكاةِ عنْ وقتِ حُلُولِها، فإذا حالَ الحولُ على المالِ وَجبَ إخراجُ الزَّكاةِ، ولا يَجوزُ أنْ تُؤخّرَ الزَّكاةُ عنْ وقتِها إلى رمضانَ، ويَجوزُ تقديمُ الزَّكاةِ وتعجيلُها.

 

فإذا كَانَ تمامُ حَولِها في شَهْرِ شوال مثلا، جازَ تَقديِمُها إلى رمضانَ، وإذا كَانَ تمامُ حولِها في شعبانَ، فلا يجوزُ تأخيرُها إلى رمضانَ.

 

واعلموا أنَّ الزكاةَ والصَّدقةَ بَرَكَةٌ في المالِ والعُمُرِ والوَلَدِ.

 

والإنفاقُ أعَمُّ مِنْ أنْ يكَونَ في المالِ، فقدْ كَانَ الصحابةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم إذا لم يَجِدْ أحدُهُم ما يتصدَّقُ به تصدَّقَ على مَنْ ظلَمَهُ بالعَفُوِ عَنْه.

 

قَالَ قَتَادَةُ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ، كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ. رواهُ أبو داودَ.

 

وكَانَ الصحابةُ يُنفِقُونَ بِحسَبِ وُسْعِهِم.

قَالَ أبو ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قَالَ: الإيمانُ باللهِ، والجهادُ في سبيلِهِ. قَالَ: قُلتُ: أيُّ الرِّقابِ أفضَلُ؟ قَالَ: أنْفَسُها عِنْدَ أهلِها، وأكثرُها ثمنًا. قَالَ: قلتُ: فإنْ لمْ أفْعَلْ؟ قَالَ: تُعينُ صانِعًا، أو تَصْنعُ لأخْرَقٍ. قَالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ العَمَلِ؟ قَالَ: تكفُّ شَرَّكَ عَنْ النَّاسِ، فإنَّها صدقَةٌ مِنْكَ على نَفْسِكَ. رواهُ البخاريُّ ومُسلِمُ.

 

بل كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ورَضِيَ اللهُ عَنْهُم إذا لم يِجِدْ ما يتصدَّقُ به تصدّقَ بِعِرْضِهِ، وحَلَّلَ مَنْ وَقَعَ في عِرْضِهِ بِغيبةٍ أو بُهتانٍ.

 

وجاءَ في سيرةِ عُلبةَ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ خَرَجَ مِنَ الليلِ فصلَّى وبَكى، وقَالَ: اللهمَّ إنَّكَ قد أمَرْتَ بالجهادِ، ورغّبتَ فيه، ولم تَجْعلْ عندي ما أتقوّى به معَ رسولِكَ، وإنِّي أتصدقُ على كُلِّ مُسْلِمٍ بِكُلِّ مَظْلَمَةٍ أصَابَني بها في جَسَدٍ أو عِرْضٍ.

 

ولَمَّا حَضَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على الصدقةِ جاءَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُم بِطاقَتِهِ وما عِندَه. فقَالَ عُلبةُ بِنُ زيدٍ: اللهمَّ أنَّهُ ليسَ عندي ما أتَصدَّقُ به. اللهمَّ إنِّي أتصدَّقُ بِعرْضِي على مَنْ نَالَهُ مِنْ خَلْقِكَ.

 

فأمَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مناديا فنادى: أينَ المتصدقُ بِعِرْضِهِ البَارِحَةَ؟ فقامَ عُلبةُ، فقَالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: قد قُبِلتْ مِنكَ صَدَقَتُك. وفي روايةٍ أنَّهُ قَالَ: ولكني أتَصَدَّقُ بِعِرْضِي، مَنْ آذاني أو شَتَمَنِي أو لَمَزَنِي فَهُوَ لَهُ حِلٌّ. رواهُ البيهقيُّ في " شُعبِ الإيمانِ "، وابنُ مِرْدَوَيْه والخطيبُ البغداديُّ وغَيرُهُم. وصحَّحَ ابنُ حَجَرٍ إسنادَ هذهِ القِصَّةِ.

 

قَالَ ابنُ حَجَرٍ: رَوى ابنُ عيينةَ عَنْ عمرو بِنِ دينارٍ عنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلا مِنَ الْمُسلمينَ قَالَ: اللهمَّ أنَّهُ ليسَ لي مَالٌ قَالَ أتَصدَّقُ بِهِ وإنِّي قدْ جَعَلتُ عِرْضِي صَدقَةً للهِ عزَّ وجَلَّ لِمَنْ أصَابَ مِنْهُ شيئا مِنَ الْمُسلمينَ. قَالَ: فأوْجَبَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ قد غُفِر لَهُ، أظُنُّهُ أبا ضَمْضَمٍ الْمَذكورَ، فاللهُ أعلَمُ. اهـ.

 

وأبوابُ الصَّدَقَةِ كثيرةٌ مَيْسورةٌ

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلالِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ. رواه البخاري في " الأدب المفرد " والترمذي وابن حبان، وصححه الألباني.

 

الوقفةُ الرَّابِعةُ:

أنَّ أسبابَ المغفرةِ قَريبةٌ، وأسبابَ العذابِ كَذَلِكَ، ولِذا قَالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ. رواهُ البخاريُّ.

 

وأخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ اللهَ غَفَرَ لامرأةٍ بَغيٍّ سَقَتْ كَلبا يَلهثُ مِنَ العَطَشِ. كما في الصحيحينِ

 

وأنَّه تعالى غَفَر لِرَجُلٍ أبْعَدَ غُصْنَ شوكٍ عَنِ الطَّريقِ.

 

ففي الصحيحينِ مِنْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ.

 

قَالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ نَزْعَ الأَذَى مِنَ الطُّرُقِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَأَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ، وَتُوجِبُ الْغُفْرَانَ وَالْحَسَنَاتِ، وَلا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ، فَرُبَّمَا غُفِرَ لَهُ بِأَقَلِّهَا أَلا تَرَى إِلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ شَكَرَ لَهُ إِذْ نَزَعَ غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَغَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ؟ وَقَدْ قَالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، إِحْدَاهَا لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ. وَقَالَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴾، وَقَالَ الحكيم: ومتى تفعل الكثير من الخير... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لأَقَلِّهِ. اهـ.

 

الوقفةُ الخامِسةُ:

أنَّ اللهَ عزَّ وَجَلَّ شَرَعَ لِعِبادِهِ زكاةَ الفِطْرِ مِنَ رمضانَ

وفي فتاوى اللجنَةِ الدَّائمةِ:

مقدارُ زكاةِ الفِطْرِ عنِ الفَردِ ثلاثةُ كيلو تقريبا منَ الأرُزِّ أو غيرِهِ مِنْ قوتِ البَلَدِ.

 

وقَالَ شيخُنا الجبرينُ رحِمَهُ اللهُ:

الصاعُ معروفٌ، وهَوَ أربعةُ أمدادٍ، والْمُدُّ مِنَ البُرِّ مِلءُ الكفينِ المتوسطينِ مجموعتينِ، وقُدِّرَ الصَّاعُ بِأنَّهُ خمسةُ أرطالٍ وثُلثٍ بالعراقي، والصاعُ معروفٌ في هذهِ البِلادِ، وهوَ معَ العِلاوةِ يُقارِبُ ثلاثَ كيلو، وبدونِ علاوةٍ نَحوَ كيلوين ونِصف، والاحتياطُ إكمالُ الثلاثةِ. اهـ.

 

وهِيَ صاعٌ مِن طَعَامٍ مِنْ قُوتِ البَلَدِ.

 

ففي حَديثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ. رواه البخاريُّ ومُسْلِمٌ.

 

قَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: أَمَرَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ. رواهُ البخاريُّ ومُسْلِمٌ.

 

وفي حديث أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ. رواه البخاريُّ ومُسْلِمٌ.

 

وتَجِبُ على مَنْ يَجِدُ زيادةً عَنْ قُوتِ يومِه.

 

قَالَ ابنُ قُدامةَ: وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ عِيَالِهِ، إذَا كَانَ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ.

 

عِيَالُ الإِنْسَانِ: مَنْ يَعُولُهُ. أَيْ: يَمُونُهُ فَتَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُمْ، كَمَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، إذَا وَجَدَ مَا يُؤَدِّي عَنْهُمْ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَرَضَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ وَعَبْدٍ، مِمَّنْ تَمُونُونَ. اهـ.

 

ويُستَحَبُّ أنْ تُخرَجَ عنِ الجنينِ، ولا تَجِبُ عَنْهُ.

 

ويَرى العلماءُ أنَّ زكاةَ الفِطْرِ تابعةٌ للجَسَدِ، فتُخرَجُ حيثُ يَكونُ الشَّخْصُ، ويجوزُ إخراجُها في غَيْرِ بَلَدِ الشَّخْصِ، إذا دَعَتِ الحاجةُ، أو سافَرَ ووكَّلَ غَيرَهُ.

 

ولا يُجزئُ دَفْعُ الْمَالِ في زَكَاةِ الفِطْرِ، إلاّ لِمَنْ يقُومُ مقامَهُ ويكونُ وكيلا عَنْهُ في إخراجِها.

 

قَالَ أَبو طَالِبٍ، قَالَ لِي أَحْمَدُ: لا يُعْطِي قِيمَتَهُ. قِيلَ لَهُ: قَوْمٌ يَقُولُونَ، عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ؟ قَالَ: يَدَعُونَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَيَقُولُونَ قَالَ فُلانٌ! قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾.

وَقَالَ: قَوْمٌ يَرُدُّونَ السُّنَنَ: قَالَ فُلانٌ، قَالَ فُلانٌ.

 

ويَبْدأُ وقتُ جَوازِ إخراجِ زكاةِ الفِطْرِ قبْلَ العيدِ بيومٍ أو يومينِ، والأفضلُ أنْ تكونَ يومَ العيدِ قَبْلَ الخُرُوجِ لصلاةِ العِيدِ. ويَنتهي وقتُ إخراجِها بانتهاءِ صلاةِ العيدِ.

 

قَالَ نافع: وكَانَ ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما يُعْطِيها الذين يَقبلونَها، وكَانَوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيومٍ أو يومينِ. رواهُ البخاريُّ.

 

ومَنْ أخّرَها فَعَليهِ إخراجُها، وهُوَ آثِمٌ بِتَأخِيرِها عَنْ وقتِها إذا أخَّرَها لغيرِ عُذْرٍ.

 

وفي فتاوى اللجنةِ الدَّائمةِ للبحوثِ العِلميَّةِ والإفتاءِ في المملكةِ: إذا أخَّرَ الشَّخصُ زكاةَ الفِطْرِ عَنْ وقْتِها وهُوَ ذاكِرٌ لها أثِمَ وعليه التوبةُ إلى اللهِ والقضاءُ؛ لأنَّها عبادةٌ فَلَمْ تَسقُطْ بِخروجِ الوقتِ كالصلاةِ. اهـ.

 

ولا يُعطَى الكافِرُ مِنْ زكاةِ الفِطْرِ ولا مِنْ زكاةِ المالِ إلاّ إذا كَانَ مِنَ المؤلَّفَةِ قلوبِهِم فيُعطَى مِنْ زكاةِ الْمَالِ.

 

قَالَ ابنُ قُدامةَ: وَلا يُعْطَى الْكَافِرُ مِنْ الزَّكَاةِ، إلاَّ لِكَوْنِهِ مُؤَلَّفًا.

وقَالَ شيخُنا العثيمينُ: ولا يُعْطَى الكَافِرُ.

 

والدليلُ على أنَّ الكافِرَ لا يُعْطَى مِنَ الكفَّارةِ القياسُ على الزكاةِ، فإنَّ الكَافِرَ لا يُعْطَى مِنَ الزكاةِ إلاَّ إذا كَانَ مؤلَّفًا، ولذلك قاسَ العلماءُ الإطعامُ على الزكاةِ، وقَالَوا: إنَّ الكُفّارَ ليسوا أهلًا، والمسألةُ فيها شيءٌ مِن التأمُّلِ. اهـ.

 

وقَالَ شيخُنا الجبرينُ: لا يُعْطَى الكافِرُ مِنْ زكاةِ الفِطْرِ، ولا مِنْ زكاةِ المالِ، ولا مِنْ صدقاتِ التَّبرُّعِ، فإنه قد اختارَ الكُفرَ وهَجَرَ الإسلامَ، فهو عدوٌ للمسلمينَ، فلا حَقٌ له في صدقاتِهِم وأموالِهِم، بل يصرِفونَها للمسلمينَ، لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾. اهـ.

 

الوقفةُ السَّادِسَةُ والأخيرةُ:

الحِرصُ على شُهودِ صلاةِ العيدِ، وهي سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ، وقَدْ قَالَ بِوُجُوبِها بعضُ عُلمائنا.

ولا تُشْرَعُ الصَّلاةُ قَبلَها ولا بَعدَها إذا صُلِّيَتْ صَلاةُ العيدِ في المصلَّى.

 

قَالَ ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا. رواه البخاريُّ ومُسلِمٌ.

 

وفي روايةِ ابنِ ماجَه: خَرَجَ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا.

 

وقَدْ أمَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بِحضورِ صلاةِ العيدِ حتى مَنْ لا تُصلِّي، فقَالَ: لِيَخْرُجِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ. رواه البخاريُّ ومُسلِمٌ.

 

والسُّنَّةُ أنْ يأكُلَ تمراتٍ وِتْرا قَبْلَ خروجِهِ إلى الصلاةِ.

 

ففي حديثِ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. وفي روايةٍ: وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا.

 

ويَذْهبُ مِنْ طريقٍ ويَرجِعُ مِنْ أُخْرى.

ففي حديثِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ.



عبدالرحمن السحيم 

الصيام الذي يُريده الله

 


الصيام الذي يُريده الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

 

ولَمَّا بيَّن الله عزّ وَجَلّ أحكام الصيام خَتَم الآية بِقوله: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾.

 

فالْهَدَف الأسمى مِن الصيام: تحقيق العبودية لله عزّ وَجَلّ، وتحقيق التقوى.

 

والتقوى – كما قال عمر بن عبد العزيز -: ليست التقوى قيامَ الليل، وصِيام النهار، والتخليطَ فيما بَيْنَ ذلك، ولكن التقوى أداءُ ما افترض الله، وترك ما حرَّم الله، فإنْ كان مع ذلك عملٌ، فهو خير إلى خير.

 

وذَكَر ابن رجب رحمه الله كلام القوم في التقوى، ثم قال:

وحاصل كلامهم يدلُّ على أنَّ اجتناب المحرمات - وإنْ قَلَّتْ - فهي أفضلُ مِن الإكثار مِن نوافل الطاعات، فإنَّ ذلك فرضٌ، وهذا نفلٌ. اهـ.

 

إن اجتناب الْمُحرَّمات مَطْلَب شَرْعيّ، وليس لأحدٍ عُذر في ارتكاب ما حرَّم الله عزّ وَجَلّ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. رواه البخاري ومسلم.

 

فَمَا صامَ مَن لم تَصُم جوارحه..

ما صام مَن أطلق لِسانه يَفْرِي في أعراض عِباد الله..

وأطْلَق بَصَره في عيوب الناس وعوراتهم.. وقَلَّب ناظِريه في المناظِر الْمُحرَّمة..

وأرخَى سَمْعه يَسمع به ما حَرَّم الله..

وما صام مَن لم يترُك ما حرَّم الله في ليل رمضان ونهاره..

وما صام مَن أكل الربا..

وما صام مَن أكل حقوق الناس..

وما صام مَن ظَلَم الناس وبَهَتَهم.

وما صام مَن أضاع ساعات عُمره على القنوات الفضائية..

وما صام مَن غشّ الناس..

وما صام مَن كذب وغَدَر وخَان..

وما صام مَن حَلَف كاذبا.. أو شَهِد الزور..

وما صام مَن لم يصُم عن التدخين، وأشدّ منه مَن لم يَصُم عن الْمُخدَّرات والْمُسْكِرات..

وكثير مِن هؤلاء نَصيبهم مِن صيامهم هو الجوع والعطش!

 

وفي الحديث: « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ »؛ رواه الإمام أحمد، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده جيد. وقال المنذري: رواه الطبراني في الكبير وإسناده لا بأس به. وصححه الألباني.

 

وهؤلاء غَفَلُوا عن حِكْمة الصيام.. وظنّوا أن المقصود هو الامتناع عن الطعام والشَّرَاب!

 

والله عزّ وَجَلّ غنيّ عن تعذيب العباد لأنفسهم.. فليس هذا هو المقصود.. إنما مِن المقصود أن تَسْمُو النفس وتَزْكُو.. ولذا قال عليه الصلاة والسلام: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. رواه البخاري.

 

قال ابن القيم: الصائم هو الذي صامَتْ جَوارحه عن الآثام، ولِسانه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبَطنه عن الطعام والشراب، وفَرْجه عن الرَّفث؛ فإن تكلّم لم يَتَكلَّم بِمَا يَجرح صَومه، وإن فَعل لم يفعل ما يُفسد صومه؛ فيَخرج كلامه كله نافعا صالحا وكذلك أعماله، فهي بِمَنْزِلة الرائحة التي يَشمّها مَن جالَس حامِل المسك، كذلك من جالس الصائم انتفع بمجالسته، وأمِن فيها مِن الزور والكذب والفجور والظلم. هذا هو الصوم المشروع لا مُجرد الإمساك عن الطعام والشراب، ففي الحديث الصحيح: " مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه "، وفي الحديث: " رُبّ صائم حَظّه مِن صيامه الجوع والعطش ".

 

فالصوم هو صَوم الجوارح عن الآثام، وصَوم البطن عن الشراب والطعام، فكما أن الطعام والشراب يَقطعه ويُفسِده، فهكذا الآثام تقطع ثوابه وتُفسد ثَمرته فتُصيِّره بِمَنْزِلة مَن لم يَصُم. اهـ.

 

1 / رمضان / 1431 هـ

عبدالرحمن السحيم رحمه الله


الجمعة، 22 مارس 2024

مقاطع مميزة عن رمضان ...


 


💎 مقاطع مميزة عن رمضان ...


♻️ للشيخ محمد المختار الشنقيطي -حفظه الله-


{❶}- أسعد الناس في رمضان ...

http://goo.gl/vIGLhb

{❷}- رمضان وعزيمة الرجال ...

http://goo.gl/qhJ2YY

{❸}- رمضان والشعور العجيب ...

http://goo.gl/se1kSL

{❹}- استشعار فوات الفرصة ...

http://goo.gl/PRZYaT

{❺}- أعظم مايوفق له العبد في رمضان ...

http://goo.gl/JvhM6f

{❻}- فتور في رمضان ...

http://goo.gl/PHxHT9

{❼}- رمضان وإعادة النظر في القول والفعل ...

http://goo.gl/lEC5xw

{❽}- معينات التعبد في رمضان ...

http://goo.gl/E26Nvr

{❾}- الصيام الگامل والناقص ...

http://goo.gl/doWi0R

{⓫}- لمن أراد الإعتگاف ...

http://goo.gl/YWUPxm

{⓬}- ماذٱ بعد رمضان ...

http://goo.gl/c1ospK

{⑬}- استشعار نعم الله في رمضان ...

http://goo.gl/K0xeb1

{⑭}- قرب ينبغي للمعتكف الاشتغال بها ...

http://goo.gl/XaGWqK

{⑮}- مدرسة الإعتكاف ...

http://goo.gl/uUSlsq

{⑯}- دروس من مدرسة الصيام ...

http://goo.gl/o3LggT

{⑰}- للصائم فرحتان ... 

http://goo.gl/qKjHHt


.

.

الأربعاء، 13 مارس 2024

كيف تكسب ليلة القدر؟

 







كيف تكسب ليلة القدر؟


د. لطيفة بنت عبد الله الجلعود


 

الحمد لله الذي فرض صيام هذا الشهر وسنَّ لنا قيامه، والصلاة على خيرة خلقه محمد صلى الله عليه وسلم والذي لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه، فروى عنه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(1)وروي عنه أيضاً أنه قال:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(2)وإن من الحرمان أن نرى كثيراً من المسلمين يقضون هذه اللحظات والفرص النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين:

(أ) نائمون.

(ب) يتسامرون ويقعون في غيبة إخوانهم المسلمين.

(ج) يقضون أوقاتهم في المعاصي من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الرمضانية – كما يسمونها- وحاشا رمضان أن يكون له أفلام، أو مسلسلات مع ما فيها من اختلاط النساء بالرجال، والموسيقى، وما هو أشنع من ذلك.


لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فهذه فرصتنا للأسباب التالية:

أ. لأن مردة الشياطين تصفد، كما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"(3).

ب. الإقبال النفسي على فعل الخيرات في هذا الشهر ما لا تستطيعه في الأشهر الأخرى.

ج. أن الصوم في نهار رمضان يمنع من القيام بكثير من المعاصي.

ولو كان أمام أعيننا أنه قد يكون آخر رمضان نصومه لسهلت علينا التوبة، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، أما نحن فقد بلغناه الله عز وجل فلندعوه أن يعيننا على صيامه وقيامه.

مقارنة بين أعمارنا وأعمار الأمم السابقة:

قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه:"أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"(4).

كان أعمار السابقين مئات السنين، فهذا نوح -عليه السلام- لبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".

فكيف يكون لنا السبق، ونحن أقل أعماراً؟! يكون ذلك باستغلال الفرص والتسابق عليها كما يتسابق الناس على الوظائف، والتسجيل في الجامعات، وعلى التخفيضات أيضاً.

ومن أعظم هذه الفرص، الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان، فإن لم يكن، فعلى الأقل ليلة 21، 23، 25، 27، 29 لأن ليلة القدر لن تتعدى إحدى هذه الليالي كما قال صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".

إلا إذا كان هناك اختلاف بين دول العالم الإسلامي في دخول رمضان، فإن الأحوط العمل كل ليالي العشر.

قال سبحانه وتعالى:"ليلة القدر خير من ألف شهر".

منذ أن يؤذن المغرب إلى أن يؤذن الفجر في الغالب لا يتجاوز 12 ساعة.

فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!! فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، واستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الاستغلال كقدوتنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روت عنه عائشة رضي الله عنها:"أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله".

ولنحسب عمر واحد منا حرص على القيام في ليالي الوتر لمدة عشر سنوات، إن هذا يساوي أكثر من 830 سنة بإذن الله، ولو عشت عشرين سنة بعد بلوغك، وكنت ممن يستغل كل ليالي العشر بالعبادة، لكان خير من 1660 سنة بإذن الله، وبهذا نحقق السبق يوم القيامة، وذلك باستغلال فرص لم تكن للأمم السابقة من اليهود والنصارى.

لذلك منذ أن يدخل شهر رمضان ادع الله أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.


ماذا تفعل في هذه الليلة؟

- الاستعداد لها منذ الفجر، فبعد صلاة الفجر تحرص على أذكار الصباح كلها، ومن بينها احرص على قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة، لماذا؟ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"(5).

الشاهد: "كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي" حتى لا يدخل عليك الشيطان فيصرفك عن الطاعة.

- احرص على أن تفطر صائماً، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائماً لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من فطر صائماً كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء"(6).

- عند غروب الشمس ادع أيضاً أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر.

- جهز صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر، وليكن لك ادخار طوال السنة لتخريجه في هذه الليالي الفاضلة فلا تفوتك ليلة من ليالي الوتر إلا وتخرج صدقتها، فالريال إذا تقبله الله في ليلة القدر قد يساوي أكثر من ثلاثين ألف ريال، و 100 ريال تساوي أكثر من 300 ألف ريال وهكذا، وقد روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه(7)، حتى تكون مثل الجبل"(8) وروى أبو هريرة أيضاً قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:" أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان"(9).

فإن أخفيتها كان أعظم لأجرك فتدخل بإذن الله ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" (10).

- منذ أن تغرب الشمس احرص على القيام بالفرائض والسنن، فمثلاً منذ أن يؤذن ردد مع المؤذن ثم قل: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، فمن قال ذلك غُفر له ذنبه كما روي عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعاً(11) ثم قل: اللهم رب هذه الدعوة التامة... إلخ، لما رواه جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"(12).

- ثم بكر بالفطور احتساباً، وعند تقريبك لفطورك ليكن رطباً محتسباً أيضاً، ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات، وليكن من ضمن دعائك: اللهم أعني ووفقني لقيام ليلة القدر، ثم توضأ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بادر بالنافلة بين الأذان والإقامة؛ لما رواه أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتدرون السواري حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء"(13). ثم صل صلاة مودع(14)كلها خشوع واطمئنان، ثم اذكر أذكار الصلاة، ثم صل السنة الراتبة، ثم اذكر أذكار المساء -إن لم تكن قلتها عصراً- ومنها "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ لتكون في حرز من الشيطان ليلتك هذه حتى تصبح، كما سبق أن ذكرنا، ثم نوِّع في العبادة:

- لا يفتر لسانك من دعائك بـ "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".

- إن كان لك والدان فبرهما وتقرب منهما، واقض حوائجهما وافطر معهما.

- ثم بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث"(15).

- ثم إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.

- ثم عد إلى بيتك، ولا يكن هذا هو آخر العهد بالعبادة حتى صلاة القيام، بل ليكن في بيتك أوفر الحظ والنصيب من العبادة سواء بالصلاة أو بغيرها.

- ولا تنس -قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.

- ولا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة:"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم:"من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"(16)، وما بين تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة؛ لما رواه أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله"(17)وما بين صلاة على رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فإذا دخلت بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والداك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب واستغل القيام بحوائجهم بقراءة القرآن عن ظهر قلب، فقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في الأجر، كما روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قال:"وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد ثلث القرآن"(18). فإذا قرأتها ثلاث مرات حصلت على أجر قراءة القرآن كاملاً، ولكن ليس معنى هذا هجر القرآن، ولكن هذا له أوقات وهذا له أوقات، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن في الأجر(19)، وآية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كما قاله عبد الله موقوفاً، ثم قل:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ ليكون لك عدل عشر رقاب، ولتكتب لك مئة حسنة، وتمحى عنك مئة سيئة، ولتكن حرزاً لك من الشيطان حتى تصبح ولم يأت بأفضل مما جئت به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، واحرص على كل ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من الأذكار ذات الأجور العظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم لعمه:"ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات والأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، الحمد لله ملء ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء وتسبح مثلهن، ثم قال: تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك"(20) وقال صلى الله عليه وسلم:"من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"(21)وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه"(22)وفي بعض الروايات "سبحان الله العظيم وبحمده مئة مرة" (23)وكلما ذُكرت الكفارة أو الغفران – غفران الذنوب- وحط الخطايا، فالمقصود بها الصغائر، أما الكبائر فلا بد من التوبة، أما إن كانت هذه الكبيرة متعلقة بحقوق الآدميين فلا بد من الاستحلال مع التوبة أو المقاصة يوم القيامة؛ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-:"من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"(24)ولا يغرك في الغيبة ما يردده البعض أن كفارة من اغتبته أن تستغفر له، فهذا حديث أقل أحواله أنه شديد الضعف، وهو يعارض الحديث السابق الصحيح، ومن أعظم حقوق الآدميين: الغيبة والنميمة والسخرية، والاستهزاء والسب، والشتم وشهادة الزور، قال صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" (25).

فإذا فرغت من خدمة الجميع والأعمال البدنية، ليكن لك جلسة مع كتاب ربك فتقرأه، وليكن لك قراءتان في شهر رمضان إحداهما سريعة "الحدر" والأخرى بتأمل مع التفسير إذا أشكل عليك آية، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه:"لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله.

فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

- فإن نمت فأنت مأجور -بإذن الله- ثم استيقظ لصلاة قيام الليل في المسجد، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر فتفكر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك مهما كنت فيه من حال أو شدة فأنت أحسن حالاً ممن هو أشد منك كما قال صلى الله عليه وسلم:"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلا من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله"(26).

- وتذكر هادم اللذات علها تدمع عينك فتكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله كما قال صلى الله عليه وسلم:"ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.." (27).

- وتذكر ما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أتاني جبريل، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين..." (28) الحديث. فهذه العشر هي والله الغنيمة الباردة، وفي هذا الشهر فرص ومواسم من لم يستغلها تذهب ولا ترجع..

- أخيراً وقبيل الفجر لا بد من السحور ولو بماء، مع احتساب العمل بالسنة؛ لما رواه أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم:"تسحروا فإن في السحور بركة"(29) ثم تسوك وتوضأ واستعد لصلاة الفجر وأنت إما في ذكر أو دعاء أو قراءة قرآن.


- ولا بد من التنبيه على بعض الأخطاء، ومنها:

1- أن البعض قد يشيع في ليلة 23 أو 25 أن فلاناً رأى رؤياً، وأن تعبيرها أن ليلة القدر مثلاً ليلة 21 أو 23. فماذا يفعل البطالون؟ يتوقفون عن العمل باقي ليالي العشر، حتى أن البعض قد يكون في مكة فيعود، لماذا؟ انقضت ليلة القدر في نظره. وفي هذا من الأخطاء ما فيها، ومنها: أن هذا قد يكون حلماً وليس رؤياً. أن المعبر حتى وإن عبرها بأنها ليلة 21 أو 23 أو غيرها ليس بشرط أن يكون أصاب، فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- عبر رؤيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً"(30) فإذا كان أبو بكر وهو خير الخلق بعد الأنبياء يصيب ويخطئ، فما بالك بغيره. والذي يظهر لي أن هذا من تلبيس إبليس، ليصد المؤمنين عن العمل باقي ليالي العشر. والله أعلم.

وأخيراً.. الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا.

فهذا يخرج من بيته سليماً معافى فينعى إلى أهله، وهذا يلبس ملابسه ولا يدري هل سينزعها أم ستنزع منه؟

لذلك كله علينا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاص لله ضال عن الطريق المستقيم ما ازداد في رمضان إلا بعداً وخساراً، وأنت يوفقك الله للصيام والقيام، فاحمد الله على هذه النعمة الجليلة، واستغلها أيما استغلال.


-----------------------------------------------------------

(1) أخرجه البخاري في صحيحه (ك صلاة التراويح ب 1 فضل ليلة القدر 2/709 ح (1910).

(2) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الإيمان ب 6 تطوع قيام رمضان من الإيمان 2/22 ح (37).

(3) أخرجه النسائي في سننه الصغرى (ك الصيام ب فضل شهر رمضان ص 336 ح (2106).

(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الجنائز، فصل في أعمار هذه الأمة 7/246 ح (2980).

(5) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق ب 11 صفة إبليس وجنوده ص 266 ح (3293).

(6) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الصوم ب فضل الصوم، ذكر تفضيل الله جل وعلا بإعطاء المفطر المسلم مثل أجره 8/216 ح (3429).

(7) فرسه.

(8) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب الصدقة من كسب طيب ص 111 ح (1410).

(9) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 11 فضل صدقة الشحيح الصحيح ص 111 ح (1419).

(10) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 16 الصدقة باليمين ص 112 ح (1423).

(11) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ك الصلاة ب 62 فضيلة الشهادة لله عز وجل بوحدانيته 1/220 ح (421).

(12) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الآذان ب الدعاء عند النداء 1/222 ح (589).

(13) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الأذان ب 14 كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة ص 50 ح (625).

(14) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/244 ح (3670) وعزاه لأبي محمد الإبراهيمي في كتاب الصلاة، ولابن النجار من رواية ابن عمر وحكم عليه بأنه حسن.

(15) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه 3/1180 ح (3057).

(16) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الدعوات ب أفضل الاستغفار 5/2323 ح (5947).

(17) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب الأذكار، ذكر البيان بأن الكلمات التي ذكرناها مع البشرى من الحول والقوة إلا بالله مع الباقيات الصالحات 3/121 ح 840 .

(18) أخرجه مسلم في صحيحه.

(19) أخرجه الترمذي.

(20) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (2612).

(21) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2691).

(22) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2692).

(23) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (6301).

(24) أخرجه البخاري في صحيحه ح (2449).

(25) أخرجه مسلم في صحيحه ح (552).

(26) أخرجه مسلم في صحيحه (7430).

(27) أخرجه البخاري في صحيحه ح (660) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(28) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (75).

(29) أخرجه البخاري في صحيحه ح (1923).

(30) أخرجه البخاري في صحيحه ح (7046).




فضل العشر الأواخر من رمضان من كتاب لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله

    بسم الله الرحمن الرحيم فضل العشر الأواخر من رمضان من كتاب لطائف المعارف لابن رجب رحمه الله قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى  :...